مقام الصدیقة الزهراء(ع) فی فکر الإمام الخمینی (قده): (فاطمة أسوة النساء)
بقلم: الشیخ فادی سعد
مقام لا ینال أو یعرف
یرى الإمام (قده) أن للمعصومین (ع) مقامین: الظاهر والباطن، وکلّما تحدث (قده) عن ذلک أکّد عجزنا عن الإحاطة بالأبعاد الظاهریة لهم علیهم السلامفکیف الأبعاد الباطنیة؟ یقول فی معرض حدیثه عن أمیر المؤمنین (ع): "یجبعلینا أن نأسف لأن الأیدی الخائنة والحروب التی أشعلوها ومثیری الفتن لمیسمحوا ببروز الشخصیة الفذة لهذا الرجل العظیم فی أبعادها المختلفة، فإذاکان الکثیر من أبعاده الظاهریة خافیاً عنا فکیف بالأبعاد المعنویة التی لاینال معرفة حقائقها أحد من العالمین کما جاء فی الأحادیث الشریفة"(2)، وعنالصدیقة الطاهرة (ع) یقول: "إننی اعتبرفسی قاصراً عن التحدث حول الصدیقةالطاهرة سلام اللَّه علیها(3) وفی الحدیث: فمن ذا ینال معرفتنا أو بیاندرجتنا أو یشهد کرامتنا أو یدرک منزلتنا؟ حارت الألباب والعقول وتاهتالأفهام فیما أقول.. جل مقام آل محمد عن وصف الواصفین ونعت الناعتین وأنیقاس بهم أحد من العالمین"(4)
ویعکس الإمام (قده) ذلک قائلاً: "إن مقام هؤلاء الأولیاء أسمى وأرفع من أنتنال آمال أهل المعرفة أطراف کبریاء جلالهم وجمالهم وأن تبلغ خطوات معرفةأهل القلوب ذروة أعمالهم(5) إن لأهل بیت العصمة والطهارة مقاماً روحانیاًشامخاً فی السیر المعنوی إلى اللَّه یفوق قدرة استیعاب الإنسان حتى منالناحیة العلمیة وأسمى من عقول ذوی العقول وأعظم من شهود أصحاب العرفان(6)إن أرقى ما یصل إلیه الذی یصف نبذة من مقام الولایة لهم هو کوصف الخفّاشالشمس المضیئة للعالم"(7).
الزهراء (ع) کائن ملکوتی
لیست الصدیقة (ع) کباقی الخلق ولا امرأة عادیةوإنما فی عالمها الباطنی المعنوی کائن ملکوتی تجلّى فی الوجود بصورةإنسان،. وظهر على هیئة امرأة، بما اجتمع فیها من المظاهر الإلهیة والأبعادالمعنویة والجوامع الملکوتیة یقول الإمام (قده): "إن مختلف الأبعاد التییمکن تصورها للمرأة وللإنسان تجسّدت فی شخصیة فاطمة الزهراء (ع) لم تکنالزهراء امرأة عادیة، کانت امرأة روحانیة ملکوتیة کانت إنساناً بتمام معنىالکلمة.. حقیقة الإنسان الکامل، لم تکن امرأة عادیة بل هی کائن ملکوتیتجلى فی الوجود بصورة إنسان، بل کائن جبروتی ظهر على هیئة امرأة... غداًذکرى مولد الکائن الذی اجتمعت فیه المعنویات والمظاهر الملکوتیة، والإلهیةوالجبروتیة والملکیة والإنسیة "(8)
شخصیتها الملکوتیة
إنّ مختلف الأبعاد التی یمکن تصورها للمرأة وللإنسان تجسدت فی شخصیة فاطمة الزهراء (ع).
لم تکن الزهراء امرأة عادیة، کانت امرأة روحانیة.. امرأة ملکوتیة، کانت إنساناً بتمام معنى الکلمة.. نسخة إنسانیة متکاملة.. امرأة حقیقیة کاملة.. حقیقة الإنسان الکامل.. لم تکن امرأة عادیة، بل هی کائن ملکوتی تجلّى فی الوجود بصورة إنسان، بل کائن إلهی جبروتی ظهر على هیئة امرأة.
إذن: یوم غد هو یوم المرأة، فقد اجتمعت فی هذه المرأة (التی یصادف غداً ذکرى میلادها) جمیع الخصال الکمالیة المتصورة للإنسان وللمرأة.
إنها المرأة التی تتحلى بجمیع خصال الأنبیاء.. المرأة التی لو کانت رجلاً لکانت نبیاً.. لو کانت رجلاً لکانت بمقام رسول الله.
غداً یوم المرأة، حیث وُلدت جمیع أبعاد منزلتها وشخصیتها، غداً ذکرى مولد الکائن الذی اجتمعت فیه المعنویات والمظاهر الملکوتیة والإلهیة والجبروتیة والملکیة والإنسیة، غداً میلاد الإنسان بجمیع ما للإنسانیة من معنى، غداً میلاد المرأة بکل ما تحمله کلمة المرأة من معنى إیجابی.
إنّ المرأة تتسم بأبعاد مختلفة کما هو الرجل، وإنّ هذا المظهر الصوری الطبیعی یمثّل أدنى مراتب الإنسان.. أدنى مراتب المرأة، وأدنى مراتب الرجل.. بید أنّ الإنسان یسمو فی مدارج الکمال انطلاقاً من هذه المرتبة المتدنیة، فهو فی حرکة دؤوبة من مرتبة الطبیعة الى مرتبة الغیب.. الى الفناء فی الألوهیة، وإنّ هذا المعنى متحقق فی الصدّیقة الزهراء التی انطلقت فی حرکتها من مرتبة الطبیعة وطوت مسیرتها التکاملیة بالقدرة الإلهیة وبالمدد الغیبی وبتربیة رسول الله لتصل الى مرتبة دونها الجمیع.
(من کلمة بمناسبة یوم المرأة: 16/5/1979)
امرأة أطلّت على الدنیا بإزاء جمیع الرجال.. امرأة أطلّت على الدنیا مثالاً للإنسان.. امرأة جسّدت الهویة الإنسانیة کاملة.
(من حدیث فی جمع من النساء: 17/5/1979)
امرأة هی مفخرة بیت النبوّة وتسطع کالشمس على جبین الإسلام العزیز.. امرأة تماثل فضائلها فضائل الرسول الأکرم والعترة الطاهرة غیر المتناهیة.. امرأة لا یفی حقها من الثناء کلّ من یعرفها مهما کانت نظرته ومهما ذکر، لأنّ الأحادیث التی وصلتنا عن بیت النبوّة هی على قدر أفهام المخاطبین واستیعابهم، فمن غیر الممکن صبّ البحر فی جرّة، ومهما تحدّث عنها الآخرون فهو على قدر فهمهم ولا یضاهی منزلتها، إذن: فمِن الأَولى أن نمرّ سریعاً من هذا الوادی العجیب.
(من حدیث فی جمع من مسؤولی البلاد: 2/3/1986)
أرانی قاصراً فی الحدیث عن الصدّیقة الزهراء، لذا سأکتفی بذِکر حدیث نقَله الکافی الشریف بسند معتبر جاء فیه أنّ الإمام الصادق (ع) قال: عاشت فاطمة بعد أبیها خمسة وسبعین یوماً قضتها فی حزنٍ وألم، وخلال هذه الفترة زارها جبرائیل الأمین وعزّاها بمصابها وأخبرها ببعض ما سیحدث بعد أبیها.
یشیر ظاهر الروایة الى أنّ جبرائیل تردد علیها کثیراً خلال هذه الخمسة والسبعین یوماً، ولا أعتقد أنّ مثل هذا قد ورَد بحقّ أحد غیر الطبقة الأولى من الأنبیاء العظام، فعلى مدى خمسة وسبعین یوماً أتاها جبرائیل وأخبرها بما سیحصل لها وما سیلحق بذریتها فیما بعد، وکتَب أمیر المؤمنین ذلک، فهو کاتِب الوحی، فکما أنه کان کاتب وحی رسول الله ـ وطبیعی أنّ الوحی بمعنى نزول الأحکام کان قد انتهى بوفاة الرسول الأعظم (ص) ـ کان کاتب وحی الصدّیقة الطاهرة خلال هذه الخمسة والسبعین یوماً أیضاً.
إنّ موضوع مواردة جبرائیل على شخص ما لیس بالموضوع الاعتیادی، فلا یتبادر الى الأذهان أنّ جبرائیل یأتی أی شخص، إنّ مثل هذا یستلزم تناسباً بین روح هذا الشخص ومقام جبرائیل (الروح الأعظم) سواء آمنا بأنّ هذا التنزیل على هذا النبی أو ذلک الولی یتم عن طریق الروح الأعظم یأتی به الى المرتبة الدنیا، أو أنّ الحق المتعال هو الذی یأمره بالنزول وتبلیغ ما یؤمر به، سواء قلنا بذلک الذی یؤمن به بعض أهل النظر أو قلنا هذا الذی یردده بعض أهل الظاهر، فما لم یوجد تناسب بین روح الشخص وجبرائیل الذی هو الروح الأعظم، فإنّ هذه المواردة لن تتحقق، وإذا ما کان هذا المعنى وهذا التناسب متحققاً بین جبرائیل (وهو الروح الأعظم) وأنبیاء أولی العزم مثل رسول الله وعیسى وموسى وإبراهیم (علیهم السلام)، فهو لا یتوافر لمَن عداهم، کما أنه لن یتحقق بعد الصدّیقة الزهراء لأی أحد، حتى بالنسبة للأئمة: لم أجد ما یشیر الى توارد جبرائیل بهذا النحو على أیٍ منهم، بل الذی رأیته أنّ جبرائیل تردد کثیراً على فاطمة الزهراء خلال الخمسة والسبعین یوماً هذه، وقد أخبرها بما سیحدث لذریّتها من بعدها، وکان أمیر المؤمنین (ع) یکتب ذلک، ولعلّ من الأمور التی ذکَرها أمر صاحب الزمان، وربما کانت أحداث إیران ضمن تلک الأمور، نحن لا نعلم، فربما کان ذلک.
على أیة حال: إننی أعتبر هذا الشرف وهذه الفضیلة أسمى من جمیع الفضائل التی ذُکرت للزهراء رغم عظَمتها کلّها، وهی لم تتحقق لأحد سوى الأنبیاء، بل الطبقة السامیة منهم، وبعض مَن هم بمنزلتهم من الأولیاء، نعم: لم یتحقق لأحد مثل هذا، وهو من الفضائل التی اختصت بها الصدّیقة فاطمة الزهراء.
(من حدیث فی جمع من الأخوات: 2/3/1986)
إنّ بیانی لعاجز عن وصف المقاومة الشاملة والباهرة التی یبدیها ملایین المسلمین المولعین بالإیثار والتضحیة والشهادة فی بلد صاحب الزمان أرواحنا فداه، وإنی لأعجز عن تناول ملاحم وبطولات وبرکات الأبناء المعنویین للکوثر الزهراء (ع).
إنّ کلّ هذا الذی نراه هو من فضل الإسلام وأهل البیت (ع) ومن برکات الاقتداء بإمام عاشوراء.
(من کلمة بمناسبة یوم الثورة الإسلامیة: 5/2/1987)
نحن نفخر أن تکون الأدعیة الحیاتیة التی تسمّى قرآناً صاعداً صادرة عن أئمتنا المعصومین، نحن نفخر أن تکون منّا المناجاة الشعبانیة للأئمة ودعاء عرفات للحسین بن علی والصحیفة السجادیة: زبور آل محمد، والصحیفة الفاطمیة، وهی الکتاب الملهم من قبَل الله تعالى الى الزهراء المرضیة.
(من الوصیة السیاسیة الإلهیة للإمام الخمینی)
بیت فاطمة وبرکاته
إنّ الإمام أمیر المؤمنین الذی کان خلیفة المسلمین وحاکم بلاد قد تقدّر مساحتها بعشرة أضعاف مساحة إیران.. إذ کانت تمتد من الحجاز الى مصر وأفریقیة وجزء من أوروبا أیضاً، إنّ هذا الخلیفة الإلهی عندما کان یتواجد بین الناس کان کأحدهم ویجالسهم کما نجلس الآن الى جوار بعض، بل أنه لم یفترش حتى مثل هذا، إذ لم یکن عنده حسبما یروى غیر جلد کبش اتخذه هو والصدّیقة الزهراء فراشاً فی اللیل وکان یضع علیه علف ناقته فی النهار، والرسول الأکرم أیضاً کان یتسم بهذه البساطة، وهذا هو الإسلام.
(من حدیث فی جمع من موظفی دائرة الوقایة والبیئة: 4/7/1979)
کاد الدین أن یمحى ویزول نتیجةً لانحرافات بقایا الجاهلیة والمخطط المدروس الداعی الى إحیاء النزعة القومیة والعروبة تحت شعار لا خبر جاء ولا وحی نزل، وأرادوا أن یجعلوا من حکومة العدل الإسلامیة نظاماً ملکیاً وأن یعملوا على إقصاء الإسلام والنبوّة وعزلهما، بید أنه نهضت فجأة شخصیة عظیمة کانت قد تغذّت من عصارة الوحی الإلهی وتربّت فی بیت سید الرسل محمد المصطفى وسید الأولیاء علی المرتضى وترعرعت فی أحضان الصدّیقة الطاهرة، وبفضل تضحیاتها الفریدة ونهضتها الإلهیة صنعَت ملحمة عظیمة أنقذت رسالة الإسلام وحطمت عروش الظلمة.
(من کلمة بمناسبة یوم الحرس: 3 شعبان ـ 16/6/1980)
إنّ بیت فاطمة المتواضع هذا ومَن تربّوا فی رحاب هذا البیت الذین بلغ عددهم ـ بلغة الأرقام ـ خمسة وبلغة الواقع ما یجسّد قدرة الحق المتعال کلّها أدّوا خدمات جلیلة أثارت إعجابنا وإعجاب البشریة جمعاء.
(من حدیث فی جمع من مقاتلی الجیش والحرس: 9/3/1982)
امرأة ربّت فی حجرة صغیرة وبیت متواضع أشخاصاً یشعّ نورهم من بسیطة التراب الى الجانب الآخر من عالَم الأفلاک، ومن عالَم المُلک الى الملکوت الأعلى: صلوات الله وسلامه على هذه الحجرة المتواضعة التی تبوأت مرکز إشعاع نور العظمة الإلهیة ودار تربیة خیرة ولد آدم.
(من کلمة بمناسبة یوم المرأة: 14/4/1982)
کان لدینا فی صدر الإسلام کوخ ضمّ بین أطرافه أربعة أو خمسة أشخاص، إنه کوخ فاطمة (ع)، وکان أشد بساطة حتى من هذه الأکواخ، ولکن ما هی برکاته؟ لقد بلغت برکات هذا الکوخ ذی الأفراد المعدودین درجة من العظمة غطّت نورانیة العالَم، ولیس من السهل على الإنسان أن یحیط بتلک البرکات. إنّ سکنة هذا الکوخ البسیط اتسموا من الناحیة المعنویة بمنزلة سامیة لم تبلغها حتى ید الملکوتیین، وعمّت آثارها التربویة بحیث أنّ کل ما تنعم به بلاد المسلمین ـ وببلدنا خاصة ـ هو من برکات آثارهم تلک.
(من حدیث فی جمع من مسؤولی البلاد: 21/3/1983)
أورد صاحب تفسیر البرهان حدیثاً شریفاً عن الإمام الباقر ع، ونظراً لإشارته الى بعض المعارف وکشفه عن بعض الأسرار المهمة، ونورد نصّه تیّمناً به:
قال رحمه الله: وعن الشیخ أبی جعفر الطوسی عن رجاله عن عبد الله بن عجلان السکونی، قال: سمعت أبا جعفر (ع) یقول: بیت علی وفاطمة حجرة رسول الله، وسقف بیتهم عرش رب العالمین، وفی قعر بیوتهم فرجة مکشوطة الى العرش معراج الوحی، والملائکة تنزل علیهم بالوحی صباحاً وسماءً وکل ساعة وطرفة عین، والملائکة لا ینقطع فوجهم: فوج ینزل، وفوج یصعد، وإنّ الله تبارک وتعالى کشَف لإبراهیم (ع) عن السماوات حتى أبصر العرش، وزاد الله فی قوّة ناظره، وإنّ الله زاد فی قوّة ناظر محمد وعلی وفاطمة والحسن والحسین (ع)، وکانوا یبصرون العرش ولا یجدون لبیوتهم سقفاً غیر العرش، فبیوتهم مسقفة بعرش الرحمن، ومعارج الملائکة والروح فیها بإذن ربهم من کل أمر سلام.. قال: قلت، مِن کلّ أمر سلام؟ قال: بکلّ أمرٍ، فقلت: هذا التنزیل؟ قال: نعم. ستها
لابد لنا من الاقتداء بهذا البیت، نساؤنا تقتدی بنسائه، ورجالنا برجاله، نقتدی بهم جمیعاً.
لقوقف أهل البیت (علیهم السلام) حیاتهم لمناصرة المظلومین وإحیاء الأحکام الإلهیة، ولابد من اتّباعهم وتجسید سیرتهم، فکل مَن له اطلاع بتاریخ الإسلام یدرک أنّ کل فرد من أفراد هذا البیت نهض بوصفه إنساناً کاملاً ـ بل إنساناً إلهیاً روحانیاً ـ دفاعاً عن المحرومین والمستضعفین فی وجه الذین ینشدون القضاء على المستضعفین.
(من حدیث فی جمع من منتسبی القوة الجویة: 11/4/1979)
الصدّیقة الزهراء (س) قدوة، کما أنّ نبی الإسلام أسوة وقدوة، وإنه لا یمکننا الادعاء أننا نمتلک نظاماً إسلامیاً وأنّ لدینا جمهوریة إسلامیة ما لم تتحقق عندنا کل هذه المعانی الموجودة فی الإسلام.
(من حدیث فی جمع من حرس الثورة: 28/5/1979)
احرصوا على تهذیب الأخلاق وعلى دفع الأصدقاء الى الاهتمام بتهذیب الأخلاق، واجهدوا فی إظهار ردود الأفعال تجاه الجرائم التی لحقت بکم، و(اجهدوا) فی المحافظة على الحرمات ـ لاسیما کیان المرأة العظیم ـ. واقتدوا بشخصیة المرأة الفریدة فاطمة الزهراء (حیث) ینبغی لنا جمیعاً استقاء أحکام الإسلام منها ومن أبنائها. احرصن على الظهور بالصورة التی کانت علیها الصدّیقة الزهراء، واجهدن فی کسب العلم والتقوى، فالعلم لا یقتصر على أحد، بل هو ملک الجمیع، والتقوى ملک الجمیع، ومن واجبنا أن نسعى لطلب العلم والتقوى.
(من حدیث فی جمع بمناسبة یوم المرأة: 12/3/1985)
إذا ما اقتنعتن أیتها السیدات وأبناء شعبنا قاطبة بأن یکون هذا الیوم یوماً للمرأة، إذا ما قبلتن أن یکون یوم مولد الصدّیقة الزهراء بما تتسم به من کمالات ومنزلة یوماً للمرأة، فهذا یعنی استعدادکن لتحمّل أعباء مسؤولیات جسام کالتی اضطلعت بها الصدّیقة الزهراء، ومنها مسؤولیة الجهاد، فالصدّیقة الزهراء جاهدت خلال تلک الفترة الوجیزة قدر استطاعتها، ولابد لکنّ من الاقتداء بسیرتها لکی تترجمن إیمانکن بیوم مولدها یوماً للمرأة، أی أن یتجلى یوم مولد فاطمة الزهراء یوماً للمرأة حقاً، ینبغی الاقتداء بزهدها وتقواها وعفافها وجمیع الخصال التی اتصفت بها، یجب اتباع سیرتها إذا ما آمنتن بهذا الیوم، أما إذا تقاعستن عن اتباعها فیجب أن تعلمن أنکن لم تعشن یوم المرأة، فما لم تؤمّن بهذا لن تدخلن فی یوم المرأة ولن تنلن هذا الشرف.
(من حدیث فی جمع من الأخوات بمناسبة یوم المرأة: 2/3/1986)
من المؤسف والمؤلم أن نستمع من إذاعة الجمهوریة الإسلامیة الى ما بثّته یوم أمس فی حدیثها عن القدوة بالنسبة للمرأة، مما یخجل المرء عن ذکره.
إنّ الشخص المسؤول عن هذا البرنامج یجب أن یعزَّر ویُطرد، ویجب معاقبة المسؤولین عن البرنامج إذا ما ثبت وجود نوایا توهینیة وراء هذا الفعل، ولا شک فی أنّ الشخص الذی قصَد التوهین یُحکم بالإعدام، وإذا ما تکررت مثل هذه الأخطاء فإنّ العقوبة ستکون أشد بحق المسؤولین الکبار فی مؤسسة الإذاعة والتلفزیون.
طبیعی أنّ القوة القضائیة هی التی تتولى اتخاذ الإجراءات اللازمة فی هذا المجال.
(رسالة الى المدیر التنفیذی لمؤسسة الإذاعة والتلفزیون)
فی فلسفة الإمامة من وجهة نظر الصدّیقة الزهراء
تشکیل الحکومة یرمی الى الحفاظ على النظام ووحدة المسلمین کما تذکر الصدیقة الزهراء (ع) فی خطبتها .. وطاعتنا نظاماً للملّة وإمامتنا أماناً من الفرقة.
(ولایة الفقیه: ص27)
جامعة خصال الأنبیاء
إن جمیع خصال النبیین والأولیاء والصدیقین (ع) ومقاماتهم التی بلغوها بمااشتملت علیه من مضامین مجتمعة فی سیدة نساء العالمین (ع) بل إن لها منالحالات فی مقام القرب من اللَّه تعالى ما لا یسعها ملک مقرب ولا نبی مرسلحیث قد وصلت إلى ما لم یصلوا إلیه وهو الثابت للنبی (ص) والأئمة الأطهارع) دون غیرهم. کما فی روایات المعراج. "لو دنوت أنملة لاحترقت"(9) وکماورد عنهم (ع) "إن لنا مع اللَّه حالات لا یسعها ملک مقرب ولا نبیمرسل"(10)
" رجلاً لکانت نبیاً، لو کانت رجلاً لکانت بمقام رسول اللَّه (ص) " (12).
نورها (ع) قبل الخلق عن النبی الأکرم (ص): "إن اللَّه خلقنی وخلق علیاً وفاطمة والحسن والحسینقبل أن یخلق آدم حین لا سماء مبنیة ولا أرض مدحیة ولا ظلمة ولا نور ولاشمس ولا قمر ولا جنة ولا نار"(13).
لذلک یقول الإمام (قده): "کان الرسول الأعظم (ص) والأئمة الأطهار (عأنواراً محدقین بالعرش قبل أن یخلق اللَّه العالم کما تفیده الأحادیثالمتوافرة لدینا وجعل لهم من المنزلة والزلفى ما لا یعلمه إلا اللَّهوهی تصدق على فاطمة الزهراء (ع) أیضاً"(14)
وأخبرها ببعض ما سیحدث بعد أبیها"(16).
من الجدیر بالذکر أن الإمام الخمینی (قده) یرى هذه الفضیلة للسیدة الزهراءع) أسمى الفضائل وأرقى المناقب فی کل ما ذکر فی حقها (ع) أو حاول أهلالمعرفة استفادته من خلال الروایات المبارکة ویشرع بشرح الحدیث المتقدمقائلاً: "یشیر ظاهر الروایة إلى أن جبرائیل تردد علیها کثیراً خلال هذهالخمسة والسبعین یوماً ولا أعتقد أن مثل هذا قد ورد بحق أحد غیر الطبقةالأولى من الأنبیاء العظام، فعلى مدى خمسة وسبعین یوماً أتاها جبرائیلوأخبرها بما سیحصل لها وما سیلحق بذریتها فیما بعد وکتب أمیر المؤمنین (ع)ذلک...
إن موضوع مواردة جبرائیل على شخص ما لیس بالموضوع الاعتیادی.. إن مثلهذا یستلزم تناسباً بین روح هذا الشخص ومقام جبرائیل الروح الأعظم..
مفخرة الوجود ومعجزة التاریخ بهذا العنوان اختتم الإمام (قده) بیانه بمناسبة یوم المرأة(18) بکلمةجامعة قرأ فی شخصیتها (ع) بعرفانه الحقیقی واتصاله الدائم بها وتجسیده فیکل حیاته ما دعت إلیه وأرادته من الأهداف العظمى للإسلام العزیز، وقف نفسهعلى إرادتها ودار مدار رضاها لا یؤثر علیها سواها، فملأ من فیوضها کلوجوده إلى أن أسلم الروح إلى بارئها على حب فاطمة (ع) وهو یسمع النبی (صیقول لسلمان: یا سلمان: "من أحب فاطمة ابنتی فهو فی الجنة معی ومن أبغضهافهو فی النار یا سلمان، حب فاطمة ینفع فی مائة من المواطن أیسر تلکالمواطن
الموت والقبر والمیزان والصراط والمحاسبة"(19)