الآثار الاجتماعیة للانتظار
الانتظار له معنیان:
المقصود به انتظار ظهور الإمام المهدی علیه السلام، فما من مسلم إمامی شیعی اثنی عشری الا ویعتقد بظهور المهدی علیه السلام وینتظر فرجه الشریف، وقد جاء التأکید فی روایات کثیرة جداً على ان (أفضل أعمال أمتی انتظار الفرج) أو (أفضل جهاد أمتی انتظار الفرج)، فلا بد أن یکون للانتظار معنى صحیح حتى یتفق مع هذا التأکید الکثیر فی الروایات.
والانتظار إیجابی وسلبی، فالسلبی هو الذی ربما یفهمه البعض أن یبقى الناس مکتوفی الأیدی لا یعملون أی شیء ولا یحرکون ساکناً على أمل أن یأتی الفرج فی یوم ما بخروج الإمام المهدی علیه السلام.
وللاسف فان اعداء الاسلام الیوم یصورون الانتظار (انتظار الفرج) بهذا المعنى.
أما المعنى الایجابی للانتظار والذی به تفسر الروایات تفسیراً صحیحاً سلیماً فیرتکز على رکیزتین مهمتین:
الرکیزة الاولى هی فتح باب الامل والثقة بالله ثقة کبیرة مطلقة، بان الله (سبحانه وتعالى) ینصر المؤمنین ویؤیدهم، ولابد ان یأتی الفرج فی یوم ما لکل المستضعفین ولکل المؤمنین، إنّ هذه الثقة وهذه الروح المعنویة _اذا حملها الانسان_ فإنّ لها انعکاسات ایجابیة کثیرة على المجتمع.
والرکیزة الثانیة هی الانتظار الایجابی فهو لیست الثقة والامل بالله (سبحانه وتعالى) فقط بل هو التحرک العملی لتحقیق ذلک الفرج، بمعنى الاستعداد لنصرة الإمام المهدی علیه السلام استعداداً روحیاً معنویاً او مادیاً بحیث لا نفاجأ بخروج الإمام علیه السلام ونحن غیر قادرین على ان نفعل شیئاً ، ویمکن ان نضرب مثلاً توضیحیاً لذلک، فمن ینتظر ان یسافر، او ان یعمل عملاً مهماً فی حیاته, و لابد له ان یعد العدة لما ینتظره حتى یکون منتظره فعلاً وإلا فلا یسمى منتظراً وإنّما یسمى غافلاً وساهیاً عن الموضوع ومقصراً فیه.
والنبی صلى الله علیه وآله وسلم قال: (افضل اعمال امتی انتظار الفرج)، وفی روایة اخرى: (افضل العبادة انتظار الفرج)، یعنی أن انتظار الفرج عبادة ولیس امراً عادیاً، وفی روایة اخرى:( افضل جهاد امتی انتظار الفرج)، وفی روایة رابعة:عن علی بن الحسین علیهما السلام؛ (انتظار الفرج من أعظم الفرج), بمعنى اذا اردت ان یحصل الفرج, أن تنتظر الفرج، فان انتظار الفرج هو جزء من الفرج، وکأنه ممهد ومقدم له، لذلک یعنی ان انتظار الفرج لیس هو عمل شیء.
اما کیفیة الاستعداد لاستقبال الإمام المهدی علیه السلام وکیف نعد العدة معنویاً ومادیاً لنصرة الإمام علیه السلام، فهذا أمر یختلف من بلد الى بلد ومن ظرف الى ظرف، ولا یمکن ان یحدد له قاعدة عامة، فالقاعدة العامة هی انتظار الفرج الذی یفترض ان یکون ایجابیاً وعملیاً ولیس قلبیاً وفی النیة وفی الخاطر فقط، وهذه القاعدة یرجع فیها المنتظرون فی کل بلد الى علمائهم والى قادتهم لیحددوا لهم معنى تحقیق الانتظار فی هذا المجال.
والانتظار یمثل عملیة کبرى لانه عبادة وجهاد وهو افضل الاعمال، وآثار هذا الانتظار على حرکة المجتمع مؤثرة وفاعلة.
فالانتظار بمعناه الایجابی له آثاره على المجتمع وعلى حرکته، فالحالة النفسیة والمعنویة لها اثر کبیر على حرکة الانسان، سواء فی المجال المادی, فی العمل الدنیوی، او فیما یرتبط بالعمل الاخروی، ولذلک نرى فرقاً کبیراً بین من یؤمن بالآخرة ویؤمن بالله (سبحانه وتعالى)، وبین من لا یؤمن به سبحانه، او یؤمن بالله ولکن لا یؤمن بان هناک حساباً وقیامة، فان الذی یؤمن بعالم الآخرة کلما ازداد ایماناً کلما ازداد نشاطاً وحیویة وحرکة وعملاً.
وهکذا هو انتظار الفرج بالمعنى الایجابی، فإن ترقب خروج الإمام علیه السلام والارتباط به روحیاً والاستعداد لاستقباله ولقائه له آثار عملیة وایجابیة فی حرکة المجتمع طبعاً ویأتی ذلک من الاستعداد المعنوی لانتظار الفرج، لانتظار الإمام المهدی علیه السلام وهو التأکید والترکیز على الإمام المهدی شخصیاً، والدعاء له، ولذلک جاءت الروایات على دعاء الندبة فی کل اسبوع مثلاً والتأکید على الدعاء للإمام المهدی علیه السلام دائماً (اللهم کن لولیک الحجة بن الحسن...)، والى غیر ذلک من الادعیة.
فالمنتظر الحقیقی هو الذی یعد نفسه روحیاً ومعنویاً ویعد نفسه مادیاً ایضاً وأن یکون من انصار الإمام المهدی علیه السلام ومعنى الاعداد الروحی والمعنوی هو الاستعداد لکل ما یتطلبه الامر فی نصرة الإمام علیه السلام، حتى الشهادة فی سبیل الله، لان هذا یحتاج الى تهیئة نفسیة وروحیة، والانسان لا یقدم على النصرة الحقیقیة اذا لم یکن قد هیّأ نفسه مسبقاً لأن یضحی بنفسه من اجل قضیة الإمام المهدی علیه السلام، من اجل نصرة الدین، والاسلام.