مقام الصديقة الزهراء(ع) في فكر الإمام الخميني (قده): (فاطمة أسوة النساء)
بقلم: الشيخ فادي سعد
مقام لا ينال أو يعرف
يرى الإمام (قده) أن للمعصومين (ع) مقامين: الظاهر والباطن، وكلّما تحدث (قده) عن ذلك أكّد عجزنا عن الإحاطة بالأبعاد الظاهرية لهم عليهم السلامفكيف الأبعاد الباطنية؟ يقول في معرض حديثه عن أمير المؤمنين (ع): "يجبعلينا أن نأسف لأن الأيدي الخائنة والحروب التي أشعلوها ومثيري الفتن لميسمحوا ببروز الشخصية الفذة لهذا الرجل العظيم في أبعادها المختلفة، فإذاكان الكثير من أبعاده الظاهرية خافياً عنا فكيف بالأبعاد المعنوية التي لاينال معرفة حقائقها أحد من العالمين كما جاء في الأحاديث الشريفة"(2)، وعنالصديقة الطاهرة (ع) يقول: "إنني اعتبرفسي قاصراً عن التحدث حول الصديقةالطاهرة سلام اللَّه عليها(3) وفي الحديث: فمن ذا ينال معرفتنا أو بياندرجتنا أو يشهد كرامتنا أو يدرك منزلتنا؟ حارت الألباب والعقول وتاهتالأفهام فيما أقول.. جل مقام آل محمد عن وصف الواصفين ونعت الناعتين وأنيقاس بهم أحد من العالمين"(4)
ويعكس الإمام (قده) ذلك قائلاً: "إن مقام هؤلاء الأولياء أسمى وأرفع من أنتنال آمال أهل المعرفة أطراف كبرياء جلالهم وجمالهم وأن تبلغ خطوات معرفةأهل القلوب ذروة أعمالهم(5) إن لأهل بيت العصمة والطهارة مقاماً روحانياًشامخاً في السير المعنوي إلى اللَّه يفوق قدرة استيعاب الإنسان حتى منالناحية العلمية وأسمى من عقول ذوي العقول وأعظم من شهود أصحاب العرفان(6)إن أرقى ما يصل إليه الذي يصف نبذة من مقام الولاية لهم هو كوصف الخفّاشالشمس المضيئة للعالم"(7).
الزهراء (ع) كائن ملكوتي
ليست الصديقة (ع) كباقي الخلق ولا امرأة عاديةوإنما في عالمها الباطني المعنوي كائن ملكوتي تجلّى في الوجود بصورةإنسان،. وظهر على هيئة امرأة، بما اجتمع فيها من المظاهر الإلهية والأبعادالمعنوية والجوامع الملكوتية يقول الإمام (قده): "إن مختلف الأبعاد التييمكن تصورها للمرأة وللإنسان تجسّدت في شخصية فاطمة الزهراء (ع) لم تكنالزهراء امرأة عادية، كانت امرأة روحانية ملكوتية كانت إنساناً بتمام معنىالكلمة.. حقيقة الإنسان الكامل، لم تكن امرأة عادية بل هي كائن ملكوتيتجلى في الوجود بصورة إنسان، بل كائن جبروتي ظهر على هيئة امرأة... غداًذكرى مولد الكائن الذي اجتمعت فيه المعنويات والمظاهر الملكوتية، والإلهيةوالجبروتية والملكية والإنسية "(8)
شخصيتها الملكوتية
إنّ مختلف الأبعاد التي يمكن تصورها للمرأة وللإنسان تجسدت في شخصية فاطمة الزهراء (ع).
لم تكن الزهراء امرأة عادية، كانت امرأة روحانية.. امرأة ملكوتية، كانت إنساناً بتمام معنى الكلمة.. نسخة إنسانية متكاملة.. امرأة حقيقية كاملة.. حقيقة الإنسان الكامل.. لم تكن امرأة عادية، بل هي كائن ملكوتي تجلّى في الوجود بصورة إنسان، بل كائن إلهي جبروتي ظهر على هيئة امرأة.
إذن: يوم غد هو يوم المرأة، فقد اجتمعت في هذه المرأة (التي يصادف غداً ذكرى ميلادها) جميع الخصال الكمالية المتصورة للإنسان وللمرأة.
إنها المرأة التي تتحلى بجميع خصال الأنبياء.. المرأة التي لو كانت رجلاً لكانت نبياً.. لو كانت رجلاً لكانت بمقام رسول الله.
غداً يوم المرأة، حيث وُلدت جميع أبعاد منزلتها وشخصيتها، غداً ذكرى مولد الكائن الذي اجتمعت فيه المعنويات والمظاهر الملكوتية والإلهية والجبروتية والملكية والإنسية، غداً ميلاد الإنسان بجميع ما للإنسانية من معنى، غداً ميلاد المرأة بكل ما تحمله كلمة المرأة من معنى إيجابي.
إنّ المرأة تتسم بأبعاد مختلفة كما هو الرجل، وإنّ هذا المظهر الصوري الطبيعي يمثّل أدنى مراتب الإنسان.. أدنى مراتب المرأة، وأدنى مراتب الرجل.. بيد أنّ الإنسان يسمو في مدارج الكمال انطلاقاً من هذه المرتبة المتدنية، فهو في حركة دؤوبة من مرتبة الطبيعة الى مرتبة الغيب.. الى الفناء في الألوهية، وإنّ هذا المعنى متحقق في الصدّيقة الزهراء التي انطلقت في حركتها من مرتبة الطبيعة وطوت مسيرتها التكاملية بالقدرة الإلهية وبالمدد الغيبي وبتربية رسول الله لتصل الى مرتبة دونها الجميع.
(من كلمة بمناسبة يوم المرأة: 16/5/1979)
امرأة أطلّت على الدنيا بإزاء جميع الرجال.. امرأة أطلّت على الدنيا مثالاً للإنسان.. امرأة جسّدت الهوية الإنسانية كاملة.
(من حديث في جمع من النساء: 17/5/1979)
امرأة هي مفخرة بيت النبوّة وتسطع كالشمس على جبين الإسلام العزيز.. امرأة تماثل فضائلها فضائل الرسول الأكرم والعترة الطاهرة غير المتناهية.. امرأة لا يفي حقها من الثناء كلّ من يعرفها مهما كانت نظرته ومهما ذكر، لأنّ الأحاديث التي وصلتنا عن بيت النبوّة هي على قدر أفهام المخاطبين واستيعابهم، فمن غير الممكن صبّ البحر في جرّة، ومهما تحدّث عنها الآخرون فهو على قدر فهمهم ولا يضاهي منزلتها، إذن: فمِن الأَولى أن نمرّ سريعاً من هذا الوادي العجيب.
(من حديث في جمع من مسؤولي البلاد: 2/3/1986)
أراني قاصراً في الحديث عن الصدّيقة الزهراء، لذا سأكتفي بذِكر حديث نقَله الكافي الشريف بسند معتبر جاء فيه أنّ الإمام الصادق (ع) قال: عاشت فاطمة بعد أبيها خمسة وسبعين يوماً قضتها في حزنٍ وألم، وخلال هذه الفترة زارها جبرائيل الأمين وعزّاها بمصابها وأخبرها ببعض ما سيحدث بعد أبيها.
يشير ظاهر الرواية الى أنّ جبرائيل تردد عليها كثيراً خلال هذه الخمسة والسبعين يوماً، ولا أعتقد أنّ مثل هذا قد ورَد بحقّ أحد غير الطبقة الأولى من الأنبياء العظام، فعلى مدى خمسة وسبعين يوماً أتاها جبرائيل وأخبرها بما سيحصل لها وما سيلحق بذريتها فيما بعد، وكتَب أمير المؤمنين ذلك، فهو كاتِب الوحي، فكما أنه كان كاتب وحي رسول الله ـ وطبيعي أنّ الوحي بمعنى نزول الأحكام كان قد انتهى بوفاة الرسول الأعظم (ص) ـ كان كاتب وحي الصدّيقة الطاهرة خلال هذه الخمسة والسبعين يوماً أيضاً.
إنّ موضوع مواردة جبرائيل على شخص ما ليس بالموضوع الاعتيادي، فلا يتبادر الى الأذهان أنّ جبرائيل يأتي أي شخص، إنّ مثل هذا يستلزم تناسباً بين روح هذا الشخص ومقام جبرائيل (الروح الأعظم) سواء آمنا بأنّ هذا التنزيل على هذا النبي أو ذلك الولي يتم عن طريق الروح الأعظم يأتي به الى المرتبة الدنيا، أو أنّ الحق المتعال هو الذي يأمره بالنزول وتبليغ ما يؤمر به، سواء قلنا بذلك الذي يؤمن به بعض أهل النظر أو قلنا هذا الذي يردده بعض أهل الظاهر، فما لم يوجد تناسب بين روح الشخص وجبرائيل الذي هو الروح الأعظم، فإنّ هذه المواردة لن تتحقق، وإذا ما كان هذا المعنى وهذا التناسب متحققاً بين جبرائيل (وهو الروح الأعظم) وأنبياء أولي العزم مثل رسول الله وعيسى وموسى وإبراهيم (عليهم السلام)، فهو لا يتوافر لمَن عداهم، كما أنه لن يتحقق بعد الصدّيقة الزهراء لأي أحد، حتى بالنسبة للأئمة: لم أجد ما يشير الى توارد جبرائيل بهذا النحو على أيٍ منهم، بل الذي رأيته أنّ جبرائيل تردد كثيراً على فاطمة الزهراء خلال الخمسة والسبعين يوماً هذه، وقد أخبرها بما سيحدث لذريّتها من بعدها، وكان أمير المؤمنين (ع) يكتب ذلك، ولعلّ من الأمور التي ذكَرها أمر صاحب الزمان، وربما كانت أحداث إيران ضمن تلك الأمور، نحن لا نعلم، فربما كان ذلك.
على أية حال: إنني أعتبر هذا الشرف وهذه الفضيلة أسمى من جميع الفضائل التي ذُكرت للزهراء رغم عظَمتها كلّها، وهي لم تتحقق لأحد سوى الأنبياء، بل الطبقة السامية منهم، وبعض مَن هم بمنزلتهم من الأولياء، نعم: لم يتحقق لأحد مثل هذا، وهو من الفضائل التي اختصت بها الصدّيقة فاطمة الزهراء.
(من حديث في جمع من الأخوات: 2/3/1986)
إنّ بياني لعاجز عن وصف المقاومة الشاملة والباهرة التي يبديها ملايين المسلمين المولعين بالإيثار والتضحية والشهادة في بلد صاحب الزمان أرواحنا فداه، وإني لأعجز عن تناول ملاحم وبطولات وبركات الأبناء المعنويين للكوثر الزهراء (ع).
إنّ كلّ هذا الذي نراه هو من فضل الإسلام وأهل البيت (ع) ومن بركات الاقتداء بإمام عاشوراء.
(من كلمة بمناسبة يوم الثورة الإسلامية: 5/2/1987)
نحن نفخر أن تكون الأدعية الحياتية التي تسمّى قرآناً صاعداً صادرة عن أئمتنا المعصومين، نحن نفخر أن تكون منّا المناجاة الشعبانية للأئمة ودعاء عرفات للحسين بن علي والصحيفة السجادية: زبور آل محمد، والصحيفة الفاطمية، وهي الكتاب الملهم من قبَل الله تعالى الى الزهراء المرضية.
(من الوصية السياسية الإلهية للإمام الخميني)
بيت فاطمة وبركاته
إنّ الإمام أمير المؤمنين الذي كان خليفة المسلمين وحاكم بلاد قد تقدّر مساحتها بعشرة أضعاف مساحة إيران.. إذ كانت تمتد من الحجاز الى مصر وأفريقية وجزء من أوروبا أيضاً، إنّ هذا الخليفة الإلهي عندما كان يتواجد بين الناس كان كأحدهم ويجالسهم كما نجلس الآن الى جوار بعض، بل أنه لم يفترش حتى مثل هذا، إذ لم يكن عنده حسبما يروى غير جلد كبش اتخذه هو والصدّيقة الزهراء فراشاً في الليل وكان يضع عليه علف ناقته في النهار، والرسول الأكرم أيضاً كان يتسم بهذه البساطة، وهذا هو الإسلام.
(من حديث في جمع من موظفي دائرة الوقاية والبيئة: 4/7/1979)
كاد الدين أن يمحى ويزول نتيجةً لانحرافات بقايا الجاهلية والمخطط المدروس الداعي الى إحياء النزعة القومية والعروبة تحت شعار لا خبر جاء ولا وحي نزل، وأرادوا أن يجعلوا من حكومة العدل الإسلامية نظاماً ملكياً وأن يعملوا على إقصاء الإسلام والنبوّة وعزلهما، بيد أنه نهضت فجأة شخصية عظيمة كانت قد تغذّت من عصارة الوحي الإلهي وتربّت في بيت سيد الرسل محمد المصطفى وسيد الأولياء علي المرتضى وترعرعت في أحضان الصدّيقة الطاهرة، وبفضل تضحياتها الفريدة ونهضتها الإلهية صنعَت ملحمة عظيمة أنقذت رسالة الإسلام وحطمت عروش الظلمة.
(من كلمة بمناسبة يوم الحرس: 3 شعبان ـ 16/6/1980)
إنّ بيت فاطمة المتواضع هذا ومَن تربّوا في رحاب هذا البيت الذين بلغ عددهم ـ بلغة الأرقام ـ خمسة وبلغة الواقع ما يجسّد قدرة الحق المتعال كلّها أدّوا خدمات جليلة أثارت إعجابنا وإعجاب البشرية جمعاء.
(من حديث في جمع من مقاتلي الجيش والحرس: 9/3/1982)
امرأة ربّت في حجرة صغيرة وبيت متواضع أشخاصاً يشعّ نورهم من بسيطة التراب الى الجانب الآخر من عالَم الأفلاك، ومن عالَم المُلك الى الملكوت الأعلى: صلوات الله وسلامه على هذه الحجرة المتواضعة التي تبوأت مركز إشعاع نور العظمة الإلهية ودار تربية خيرة ولد آدم.
(من كلمة بمناسبة يوم المرأة: 14/4/1982)
كان لدينا في صدر الإسلام كوخ ضمّ بين أطرافه أربعة أو خمسة أشخاص، إنه كوخ فاطمة (ع)، وكان أشد بساطة حتى من هذه الأكواخ، ولكن ما هي بركاته؟ لقد بلغت بركات هذا الكوخ ذي الأفراد المعدودين درجة من العظمة غطّت نورانية العالَم، وليس من السهل على الإنسان أن يحيط بتلك البركات. إنّ سكنة هذا الكوخ البسيط اتسموا من الناحية المعنوية بمنزلة سامية لم تبلغها حتى يد الملكوتيين، وعمّت آثارها التربوية بحيث أنّ كل ما تنعم به بلاد المسلمين ـ وببلدنا خاصة ـ هو من بركات آثارهم تلك.
(من حديث في جمع من مسؤولي البلاد: 21/3/1983)
أورد صاحب تفسير البرهان حديثاً شريفاً عن الإمام الباقر ع، ونظراً لإشارته الى بعض المعارف وكشفه عن بعض الأسرار المهمة، ونورد نصّه تيّمناً به:
قال رحمه الله: وعن الشيخ أبي جعفر الطوسي عن رجاله عن عبد الله بن عجلان السكوني، قال: سمعت أبا جعفر (ع) يقول: بيت علي وفاطمة حجرة رسول الله، وسقف بيتهم عرش رب العالمين، وفي قعر بيوتهم فرجة مكشوطة الى العرش معراج الوحي، والملائكة تنزل عليهم بالوحي صباحاً وسماءً وكل ساعة وطرفة عين، والملائكة لا ينقطع فوجهم: فوج ينزل، وفوج يصعد، وإنّ الله تبارك وتعالى كشَف لإبراهيم (ع) عن السماوات حتى أبصر العرش، وزاد الله في قوّة ناظره، وإنّ الله زاد في قوّة ناظر محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (ع)، وكانوا يبصرون العرش ولا يجدون لبيوتهم سقفاً غير العرش، فبيوتهم مسقفة بعرش الرحمن، ومعارج الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام.. قال: قلت، مِن كلّ أمر سلام؟ قال: بكلّ أمرٍ، فقلت: هذا التنزيل؟ قال: نعم. ستها
لابد لنا من الاقتداء بهذا البيت، نساؤنا تقتدي بنسائه، ورجالنا برجاله، نقتدي بهم جميعاً.
لقوقف أهل البيت (عليهم السلام) حياتهم لمناصرة المظلومين وإحياء الأحكام الإلهية، ولابد من اتّباعهم وتجسيد سيرتهم، فكل مَن له اطلاع بتاريخ الإسلام يدرك أنّ كل فرد من أفراد هذا البيت نهض بوصفه إنساناً كاملاً ـ بل إنساناً إلهياً روحانياً ـ دفاعاً عن المحرومين والمستضعفين في وجه الذين ينشدون القضاء على المستضعفين.
(من حديث في جمع من منتسبي القوة الجوية: 11/4/1979)
الصدّيقة الزهراء (س) قدوة، كما أنّ نبي الإسلام أسوة وقدوة، وإنه لا يمكننا الادعاء أننا نمتلك نظاماً إسلامياً وأنّ لدينا جمهورية إسلامية ما لم تتحقق عندنا كل هذه المعاني الموجودة في الإسلام.
(من حديث في جمع من حرس الثورة: 28/5/1979)
احرصوا على تهذيب الأخلاق وعلى دفع الأصدقاء الى الاهتمام بتهذيب الأخلاق، واجهدوا في إظهار ردود الأفعال تجاه الجرائم التي لحقت بكم، و(اجهدوا) في المحافظة على الحرمات ـ لاسيما كيان المرأة العظيم ـ. واقتدوا بشخصية المرأة الفريدة فاطمة الزهراء (حيث) ينبغي لنا جميعاً استقاء أحكام الإسلام منها ومن أبنائها. احرصن على الظهور بالصورة التي كانت عليها الصدّيقة الزهراء، واجهدن في كسب العلم والتقوى، فالعلم لا يقتصر على أحد، بل هو ملك الجميع، والتقوى ملك الجميع، ومن واجبنا أن نسعى لطلب العلم والتقوى.
(من حديث في جمع بمناسبة يوم المرأة: 12/3/1985)
إذا ما اقتنعتن أيتها السيدات وأبناء شعبنا قاطبة بأن يكون هذا اليوم يوماً للمرأة، إذا ما قبلتن أن يكون يوم مولد الصدّيقة الزهراء بما تتسم به من كمالات ومنزلة يوماً للمرأة، فهذا يعني استعدادكن لتحمّل أعباء مسؤوليات جسام كالتي اضطلعت بها الصدّيقة الزهراء، ومنها مسؤولية الجهاد، فالصدّيقة الزهراء جاهدت خلال تلك الفترة الوجيزة قدر استطاعتها، ولابد لكنّ من الاقتداء بسيرتها لكي تترجمن إيمانكن بيوم مولدها يوماً للمرأة، أي أن يتجلى يوم مولد فاطمة الزهراء يوماً للمرأة حقاً، ينبغي الاقتداء بزهدها وتقواها وعفافها وجميع الخصال التي اتصفت بها، يجب اتباع سيرتها إذا ما آمنتن بهذا اليوم، أما إذا تقاعستن عن اتباعها فيجب أن تعلمن أنكن لم تعشن يوم المرأة، فما لم تؤمّن بهذا لن تدخلن في يوم المرأة ولن تنلن هذا الشرف.
(من حديث في جمع من الأخوات بمناسبة يوم المرأة: 2/3/1986)
من المؤسف والمؤلم أن نستمع من إذاعة الجمهورية الإسلامية الى ما بثّته يوم أمس في حديثها عن القدوة بالنسبة للمرأة، مما يخجل المرء عن ذكره.
إنّ الشخص المسؤول عن هذا البرنامج يجب أن يعزَّر ويُطرد، ويجب معاقبة المسؤولين عن البرنامج إذا ما ثبت وجود نوايا توهينية وراء هذا الفعل، ولا شك في أنّ الشخص الذي قصَد التوهين يُحكم بالإعدام، وإذا ما تكررت مثل هذه الأخطاء فإنّ العقوبة ستكون أشد بحق المسؤولين الكبار في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون.
طبيعي أنّ القوة القضائية هي التي تتولى اتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا المجال.
(رسالة الى المدير التنفيذي لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون)
في فلسفة الإمامة من وجهة نظر الصدّيقة الزهراء
تشكيل الحكومة يرمي الى الحفاظ على النظام ووحدة المسلمين كما تذكر الصديقة الزهراء (ع) في خطبتها .. وطاعتنا نظاماً للملّة وإمامتنا أماناً من الفرقة.
(ولاية الفقيه: ص27)
جامعة خصال الأنبياء
إن جميع خصال النبيين والأولياء والصديقين (ع) ومقاماتهم التي بلغوها بمااشتملت عليه من مضامين مجتمعة في سيدة نساء العالمين (ع) بل إن لها منالحالات في مقام القرب من اللَّه تعالى ما لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسلحيث قد وصلت إلى ما لم يصلوا إليه وهو الثابت للنبي (ص) والأئمة الأطهارع) دون غيرهم. كما في روايات المعراج. "لو دنوت أنملة لاحترقت"(9) وكماورد عنهم (ع) "إن لنا مع اللَّه حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبيمرسل"(10)
" رجلاً لكانت نبياً، لو كانت رجلاً لكانت بمقام رسول اللَّه (ص) " (12).
نورها (ع) قبل الخلق عن النبي الأكرم (ص): "إن اللَّه خلقني وخلق علياً وفاطمة والحسن والحسينقبل أن يخلق آدم حين لا سماء مبنية ولا أرض مدحية ولا ظلمة ولا نور ولاشمس ولا قمر ولا جنة ولا نار"(13).
لذلك يقول الإمام (قده): "كان الرسول الأعظم (ص) والأئمة الأطهار (عأنواراً محدقين بالعرش قبل أن يخلق اللَّه العالم كما تفيده الأحاديثالمتوافرة لدينا وجعل لهم من المنزلة والزلفى ما لا يعلمه إلا اللَّهوهي تصدق على فاطمة الزهراء (ع) أيضاً"(14)
وأخبرها ببعض ما سيحدث بعد أبيها"(16).
من الجدير بالذكر أن الإمام الخميني (قده) يرى هذه الفضيلة للسيدة الزهراءع) أسمى الفضائل وأرقى المناقب في كل ما ذكر في حقها (ع) أو حاول أهلالمعرفة استفادته من خلال الروايات المباركة ويشرع بشرح الحديث المتقدمقائلاً: "يشير ظاهر الرواية إلى أن جبرائيل تردد عليها كثيراً خلال هذهالخمسة والسبعين يوماً ولا أعتقد أن مثل هذا قد ورد بحق أحد غير الطبقةالأولى من الأنبياء العظام، فعلى مدى خمسة وسبعين يوماً أتاها جبرائيلوأخبرها بما سيحصل لها وما سيلحق بذريتها فيما بعد وكتب أمير المؤمنين (ع)ذلك...
إن موضوع مواردة جبرائيل على شخص ما ليس بالموضوع الاعتيادي.. إن مثلهذا يستلزم تناسباً بين روح هذا الشخص ومقام جبرائيل الروح الأعظم..
مفخرة الوجود ومعجزة التاريخ بهذا العنوان اختتم الإمام (قده) بيانه بمناسبة يوم المرأة(18) بكلمةجامعة قرأ في شخصيتها (ع) بعرفانه الحقيقي واتصاله الدائم بها وتجسيده فيكل حياته ما دعت إليه وأرادته من الأهداف العظمى للإسلام العزيز، وقف نفسهعلى إرادتها ودار مدار رضاها لا يؤثر عليها سواها، فملأ من فيوضها كلوجوده إلى أن أسلم الروح إلى بارئها على حب فاطمة (ع) وهو يسمع النبي (صيقول لسلمان: يا سلمان: "من أحب فاطمة ابنتي فهو في الجنة معي ومن أبغضهافهو في النار يا سلمان، حب فاطمة ينفع في مائة من المواطن أيسر تلكالمواطن
الموت والقبر والميزان والصراط والمحاسبة"(19)