يبدأ تاريخ الإسلام في الولايات المتحدة الأمريكية مع العام 1539 م عندما وصل أول مسلم من "المورسكيين" ممن انضموا إلى المستكشفين الأوائل للأرض الجديدة، ليصل الآن عدد المسلمين فيها إلى ما يقرب 6 ملايين مسلم، يتوزعون في معظم أرجاء البلاد، وهم من أصول عدة تعود إلى باكستان، والهند، والشرق الأوسط، وألبانيا، بنسبة 0.25% من إجمالي السكان .
تتمركز معظم مساجد المسلمين في الولايات المتحدة في واشنطن العاصمة
في الجزء الشمالي الغربي من الولايات المتحدة الأميركية المطل على المحيط الهادي، وفيها عدد من المساجد والمراكز الإسلامية ومن أشهرها: مسجد الفاروق، ومسجد آل ياسين، ومسجد بلال ومركزه الإسلامي، ومسجد ومركز واشنطن الجامع، وغيرها.
مسجد واشنطن
يعتبر مسجد واشنطن الجامع من أشهر وأجمل المساجد في الولايات المتحدة الأميركية، ويؤدي دورًا اجتماعيًّا وسياسيًّا رائدًا، حيث يضم مجلس سفراء الدول الإسلامية، ويقوم بتواصل واسع مع أطراف دولية كثيرة ومتنوعة.
في عام 1945م توفي السفير التركي فجأة في العاصمة الأميركية، وتحيَّر المسلمون أين يقيمون صلاة الجنازة عليه، وتقبل العزاء فيه، الأمر الذي دفع بالسفير المصري السيد محمود حسن إلى عرض فكرة بناء مسجد للمسلمين في الولايات المتحدة الأميركية.
تشجع لهذه الفكرة المقاول الأميركي المسلم من أصل لبناني السيد أحمد يوسف حوار، ووعد بتحمل جانب كبير من نفقات البناء، وجرت اتصالات كثيرة بين سفراء البلاد الإسلامية التي كانت ممثلة في واشنطن في ذلك الحين وكانت أكثر من عشرين دولة.
وقد قامت الحكومة الأميركية آنذاك بالتبرع بقطعة أرض تبلغ مساحتها 30.000 قدمًا مربعًة، يقدر ثمنها آنذاك بنحو مائة ألف دولار، وقد اختيرت الأرض في شارع من أجمل شوارع واشنطن، وهو زاوية شارع بلمونت وماساشوسيت، وبدأت الخطوات المباركة لتشييد هذا الصرح العظيم الذي استغرق أكثر من أربع سنوات لوضع مخططه، وقد قامت وزارة الأوقاف المصرية بعمل الرسوم والتصميمات بالأسلوب المعماري المعروف في القرن الثاني عشر، وقامت بتنفيذ المشروع شركة «ايرفنج وبورتر وأولاده»، كما شارك المكتب الهندسي للسيد أحمد حوار بوضع الرسوم على نحو إسلامي خالص، مراعيًا الاتفاق في الشكل العام مع العمارة الأميركية، التي تميل إلى المداخل الواسعة ذات الأعمدة الرفيعة الذرى محاكاة للعمارة الإغريقية.
بلغت تكاليف البناء العام لمسجد واشنطن الجامع حوالي 1.250.000 دولارًا أميركيًّا، لم يكن من ضمنها ثمن القطع الفنية الكثيرة النفيسة التي شاركت بتقديمها مجانًا كثير من الدول الإسلامية.
افتتاح المسجد
امتدت فترة بناء المسجد لأكثر من سبع سنوات في الفترة من 1949م إلى 1957م، وتم افتتاحه في 28/6/1957م، بحضور الرئيس «دوايت ايزنهاور» الذي افتتح الاحتفال بخطاب مناسب، حيَّا فيه مسلمي العالم الإسلامي، وأشار إلى ما كان للحضارة الإسلامية من آثار عميقة في الحضارات المتعاقبة ولاسيما الغربية.
وصف المسجد
يتكون المسجد من بيت واسع للصلاة، يقوم سقفه على أعمدة ضخمة من الرخام الأبيض، تحمل فوقها طرازا جميلا من العقود المعمارية رائعة الصنع، وفيه- أي بيت الصلاة- أربعة أبواب عجيبة في صنعها، ومدخله واسع تتقدمه أربعة أعمدة رخامية تحمل خمسة عقود على شكل قناطر، ومن فوقها واجهة زُينت على ضخامتها بآيات من القرآن الكريم.
وأمام المدخل المرتفع قليلًا عن الأرض سلم حجري عريض من الرخام الأملس، كما يلاحظ الداخل إلى بيت الصلاة في مسجد واشنطن الجامع المحراب الجميل النفيس الذي تزينه الرسومات النباتية، والآيات القرآنية، والنقوش الفريدة .
وفي بيت الصلاة أيضًا منبر جميل بديع الصنعة، على طراز منبر جامع محمد علي في القاهرة، وبلغت قطعه التي ركب منها اثنتا عشرة ألف قطعة من الأبنوس، صنعت كلها في مصر، ثم ركبت على الهيكل الخشبي.
والمنبر هذا قُدمَ كهدية للمسجد من أرض الكنانة، كما قدم معه أيضًا ألف كتاب نفيس في مختلف العلوم الشرعية والعربية والكونية، لتكون نواة للمكتبة النفيسة التي يعتز بها المركز الإسلامي الثقافي المجاور للمسجد.
أما مئذنة مسجد واشنطن فيبلغ ارتفاعها نحو 160 قدمًا