إمام جماعة مسجد لر زادة في طهران
بحثا عن العلم
ولد محمد جاوشي في الأول من شهر فروردين عام 1328ه.ش في قرية ابيانة من قرى مدنية نظنز وفي أسرة دينية. كان في الخامسة عندما هاجر إلى طهران برفقة أسرته. تعلم القرآن في الصغر وكان يحب العلوم الدينية حبا جما. اجتاز المرحلة الابتدائية في طهران في المدارس المسائية ومن ثم اتجه لتعليم العلوم الإسلامية في الحوزة العلمية في مدينة قم بعام 1345. انه تعلم اللغة العربية على يد الأستاذ مجتهدي وأصبح بعد فترة مدرس اللغة العربية. وتعلم المقدمات والسطح على يد أساتذة كبار كإمامي كاشاني وتنكابني وابطحي وطهراني وتعلم العلوم.
عمامتي كفني
تعرف إلى الإمام الخميني قدس سره الشريف عام 1340ه.ش وأصبح يعشق هذا الرجل العظيم بعدئذ ولم يتراجع عن أوامره قيد أنملة. ودخل بعد هذا التعارف في خضم النضال الثوري للشعب الإيراني للإطاحة بالاستبداد. انه كان عارفا ومؤمنا متقيا ويحب الخدمة كما كان خطيبا وواعظا بارزا وكانت مجالسه تقام بحضور جمع غفير إذ تثير الشوق في نفوس المستمعين، انه كان يدعو الناس إلى النضال بوجه الطاغوت وعلى هذا اعتقل عدة مرات وتعرض للتعذيب. كان يقول في خطاباته: ان من لم ينفر من نظام البهلوي، تبطل صلاته.
كان يتمتع بجرأة لا مثيل لها، ان شجاعته كانت نابعة من حبه الشهادة في سبيل الله تعالى. في عهد الطاغوت صرخ بشجاعة في إحدى مجالسه التي كانت محاصرة من قبل قوات النظام البهلوي بسبب أحاديثه الثورية: ان عمامتي كفني. انه برهن لنظام الشاه بأنه دائما يلبس الكفن ومستعد للشهادة. كان يعشق لباس علماء الدين وبعد الثورة وبالرغم من انه كان يشغل مناصب إدارية وسياسية إلا انه كان يعتبر نفسه طلبة العلوم الدينية.
يجب القضاء على عملاء أمريكا
كان يتمتع برؤية ثاقبة في القضايا السياسية وكان يقول في مسجد لر زادة على المنبر: يجب ان لا تقتلوا الحراس والضباط الشباب يجب قتل أنصار نصيري والقضاء عليهم يجب القضاء على العملاء الناشطين لأمريكا كي يسقط النظام. انه تحمل المشاكل بروح متعالية وإيمان قوي ولم يتراجع ابدأ.
صديق للشباب
تقول أسرته: انه كان يحترم الشباب احتراما خاصا ويحبهم كثيرا ولم يتوانى عن بذل أي عمل لاستقطابهم إلى الإسلام. عندما يرى بأنه بالإمكان توجيه الشباب وهدايتهم وهم يلعبون في الأزقة، كان ينفصل عنا ويتحدث معهم ببساطة وخلوص وكان يرشدهم بالأخلاق الطيب وبالمرونة، فأنهم كانوا يتأثرون بهذا التعامل كما شارك الكثير منهم فيما بعد في النضال ضد نظام الشاه.
انه وفضلا عن تخصيصه قسم من عوائده للفقراء كان يخصص القسم الآخر لإعداد كتب قيمة للشباب.
شمع مجلس مسجد لر زادة
انه كان إمام جماعة مسجد لر زادة، وكان في شهر رمضان المبارك ألقى خطابات لعشرة ليالي وكان قد ندد في هذه الخطابات بأعمال نظام الطاغوت علنا واستهزأ بها. على هذا ألقى نظام الشاه المنحوس القبض عليه في الليلة التاسعة ولم يتمكن من إلقاء خطابه في الليلة العاشرة. اجتمع عدد غفير في الليلة العاشرة في مسجد لر زادة وقاموا بمظاهرات بعدما علموا باعتقال الشيخ، ألقت قوات السافاك(منظمة المخابرات والأمن القومي)النار عليهم واستشهد ما يقارب 8 منهم.
كان الإمام الخميني قدس سره منفيا وأرسل رسالة إلى اسر شهداء مسجد لر زادة والى الشهداء الذين سقطوا في أحد مساجد مدينة كرمان.
انه في جلسة محاكمته، أعلن رفضه لدستور نظام الشاه وقال: ان قائدنا وإمامنا ومقتدانا هو المجتهد والفقيه الكبير آية الله العظمى الإمام الخميني قدس سره. حكمت المحكمة بسجنه لـ 15 عاما فسجن في سجن كميتة ومن ثم قصر ومن ثم أوين إلى ان الناس أطلقوا سراحه بعد 6 أشهر أي في 22 من شهر بهمن ورجع إلى أحضان شعب إيران الإسلامي واستأنف الجهاد في سبيل الله تعالى ثانية.
حوالة الفحم
كان يعيش في أسرة فقيرة وكان مضطرا ان يعمل لتلبية حاجاته الضرورية ولهذا كان يشعر بألم المستضعفين عن كثب كان يعيش حياة بسيطة. يقول ابنه: منحت الشيخ عدد من حوالات الفحم لكي يقوم بتقسيمها بين الناس الفقراء بعد انتهاء الحوالات جاء شيخ عجوز وطلب حوالة ان والدي ومع انه لم يمتلك حوالة لأنها قد انتهت وبما انه لم يمتلك مالا شخصيا كي يساعد هذا العجوز، قام باقتراض مبلغ 150 تومان من المخبز الواقع على رأس الزقاق ومنحه للفقير حتى لا يرجع العجوز خالي الوفاض من بيته.
كانت غرفته مفروشة بفرشة بسيطة وكان متواضعا أمام الناس وكان يستحق لباس رجل الدين ولا يكتفي بالشعارات وكان يعطي جزءا من أمواله إلى الفقراء والبؤساء.
كان يعيش إلى جانب الشعب وكان مخلصا
انه عندما كان يلقي خطاباته ومن ثم يجلس بعد المنبر مع الناس لساعتين من الزمن ويتحدث معهم ويعالج مشاكلهم لم يكن هناك أي حاجز بينه وبين الناس وإنهم كانوا يعتبرونه رفيقا وملاذا لهم. لكن كان في آخر منبر يترك المجلس بسرعة حتى لا يتصور الناس بأنه يريد منهم مالا.
في خدمة الجيش
انه كان عالم دين وفقيه وقد اختير من قبل القوات البحرية في جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية ليقدم لهم العون وعين كمسئول القسم السياسي الأيديولوجي في تلك القوات وقدم خدمات كبيرة في قسم المعاونية اللوجستية في تلك القوات وبذل كل ما بوسعه لتعليم تلك القوات مبادئ الإسلام. كانت جزءا من نشاطاته تتلخص فيما يلي: التخطيط لإقامة صلاة الجماعة وإقامة صفوف عقائدية وإنشاء مكتبة تتكون من ألفين كتاب وبذل المساعي لإزالة التمييز ودعم القوات قليلة الدخل وتفقد جرحى الحرب والتقدير من القوات الناشطة والمخلصة ونشر المجلات وإقامة معرض للكتب والصور...
ثمن التضحية
صباح يوم الـ 17 من شهر اسفند 1360ه.ش وبينما كان متجها لمكان عمله كالعادة، استهدفت القوات المعارضة للثورة سيارته في منطقة أوين في طهران أمام مستشفى آية الله طالقاني في محاولة اغتيال.
انه جرحه شديدا بواسطة الرصاصات التي أطلقها المنافقون ونقل إلى المستشفى لكن بسبب شدة الجراحة انتقل في اليوم التالي إلى رحمة الله وانضم إلى شهداء التاريخ الخالدين كي يستلم اجر تضحياته من الله سبحانه وتعالى. كتب الطبيب الشرعي في تقرير استشهاده: عند فحص مكان إصابة الرصاصة اتضح بان أصيب برصاصتين في الجانب الأيمن من صدره ووسط بطنه وان هذه الرصاصات هي التي أدت إلى نزيف حاد ولم تترك ما قام به الأطباء تأثيره وانه رحل عن الدنيا.
تم تشييع جنازة الشهيد جاوشي وسط حضور جمع غفير من الناس ورفقاء الشهيد المخلصين من مركز القوات البحرية وذلك في مراسم كبيرة ودفن في قسم شهداء جنة الزهراء سلام الله عليها.
جانب من وصيته
انه لله وإنا إليه راجعون
ان الإنسان لا يمكنه الشك في الموت لو شك في كل شيء بما ان الموت حق، فاني اخترت أفضل الطرق وان الشهادة هي أفضل الطرق وسط كافة أنواع الموت وإنني طلبت من الله تعالى ان لا أموت في فراشي.
اشهد بوحدة الله تعالى ونبوة جميع الأنبياء ونبوة النبي الأكرم محمد بن عبد الله (ص) وولاية الأئمة (ع) وفاطمة الزهراء (س) وكافة المعتقدات الإسلامية بأصولها وفروعها...