إمام جماعة مسجد سيد الشهداء
تلميذ الأب
ولد مصطفى حجتي عام 1321ه.ش في ضواحي مدينة مرند في محافظة أذربيجان الشرقية في أسرة متدينة. كان والده الشيخ قربان علي من علماء الدين المتقين في المنطقة وكان يحظى باحترام الأهالي. انه كان رجلا مفضالا ويساعد الناس وتعلم مصطفى حجتي التقوى منذ الصغر من أبيه إذ كان أول معلم للأخلاق وهو الذي صنع شخصيته بعدما أكمل الدراسات الابتدائية في موطنه اتجه إلى المدرسة العملية التي تسمى نمازي في قضاء خوي واتجه عام 1334 لإكمال دراسته إلى الحوزة العلمية في قم وتعلم عند أساتذة كبار دروس السطح وقسما من دروس الخارج.
المهاجر
بعد ان بدأت النهضة الإسلامية على يد الإمام الخميني قدس سره الشريف عام 1342ه.ش، بدأ حجتي نشاطاته الثورية وبذل مساعي كبيرة في تطوير الثورة؛ وانه كان يسافر إلى مدن مختلفة لكي ينشر إعلانات كثيرة ضد نظام الطاغوت لوحده ودون خوف أو وجل.
اختار طهران مسكنا له بعام 1351ه.ش بهدف خدمة الدين الإسلامي المقدس وتوعية الناس وقام بتنظيم المظاهرات الجماعية. كان مسئولا عن إطلاق الشعار وكان صوته يلهم الكثير من أهالي طهران في المظاهرات التي أقيمت غرب طهران.
قام بالاعتصام في شهر دي عام 1357ه.ش إلى جانب كافة العلماء وعلماء الدين في جامعة طهران واحتجاجا على منع دخول الإمام الخميني قدس سره شريف إلى إيران حتى دخل قائد الثورة الكبير إلى إيران حاملا النصر المبين بين يديه.
رفيق الأسرة
كانت له علاقات حميمة وودية مع أعضاء أسرته وكان يعتبر القيام بصلة الأرحام عملا مهما وحتى كان يزور الأقارب تقول بنته: كان بيتنا مكانا لتردد كافة الأقارب والأصدقاء. لم يكن أي شخص يشعر بالغربة في بيتنا وعلى هذا انهم كانوا يعتبرون بيت والدي بيت الأمل. إذا كان يأتي أحد ما من المدينة إلى طهران للعلاج فانه يختار بيتنا سكنا له وكان يأتي الكثير من الجيران وأهالي الحي للاستشارة الدينية والفكرية وللحديث عن مشاكلهم إلى بيتنا انه كان رؤوفا وحنونا في البيت تجاه الأسرة وكان يساعد أمي في الأعمال المنزلية وكان يهتم بتربية الأطفال الدينية اهتماما خاصا. عندما كان يرجع ليلا من المسجد ولكي يشجعنا على إقامة الصلاة كان يصلي ثانية ونحن كنا نصلي بإمامته صلاة الجماعة. عندما لم نكن نبلغ سن الرشد كنا نصوم بسبب تشجيعه. كان من الصعب ان نصوم ونحن صغار لكن كان والدنا يشجعنا دائما وحتى على مائدة الإفطار كان يطعم الصغار من كانوا صياما بداية ثم يدعو الكبار لتناول الطعام ويقول مبتسما: لهم حق علينا لأنهم صغار وبما انهم صاموا فيجب احترامهم. تعلمت القرآن من أبي. كان يتابع قيامي بواجبي وكان يذهب إلى المدرسة بين حين وآخر لتفقد وضعنا الدراسي وتطورنا دراسيا. حتى عند القيام بالواجبات المدرسية كان يجلس عندنا لساعات ومع انه لم يساعدنا وكان يرى بأنه علينا ان نقوم بواجباتنا بأنفسنا لكنه لا ينام حتى يشجعنا على الدراسة. كان قد جعل إحدى الغرف مكتبة وكانت لديه كتب كثيرة نحن كنا نذهب معه إلى المكتبة وكان يوصينا بان ندرس كتب الشهيد مطهري والشهيد دستغيب وكنا نقوم بقراءة الكتب في ليالي رمضان إلى جانب والدي حتى الفجر في المكتبة.
كان يفكر في ترفيهنا وكان يعلب معنا في ساحة البيت كرة القدم والكرة الطائرة وكان يأخذنا إلى خارج المدينة كي نتجول في الطبيعة بذريعة غسل السيارة.
لم يكن ينسي أموات أقاربنا وكان يتلو سورة الرحمن في ليالي الجمعة ويهدي ثوابه إلى والده الراحل. كانت جدتي تعيش معنا وكان والدي يهتم بها كثيرا.
مجاهد لا يعرف التعب
بعد انتصار الثورة الإسلامية كان يركز نشاطاته في مسجد سيد الشهداء عليه السلام في شارع نواب الصفوي ولجنة الثورة الإسلامية. انه كان مساعدا ومديرا داخليا للجنة الثورة الإسلامية في المنطقة الثامنة في طهران. وكان يعمل طوال اليوم إذ كان يستريح اقل من ساعتين يوميا وكما يقول زملاءه، بالرغم من كون النشاط في اللجنة يحمل توترات كثيرة لكنه كان يتعامل مع الناس بحنان وبشاشة الوجه وكان يتحدث مع الناس بلغتهم وكان الناس يعشقونه من أول نظرة كان يقيم في مسجده ومساجد الأطراف جلسات تعليم القرآن وكان يتعامل مع كافة أهالي الحي بالتساهل وكان يعيش مع الناس. كان يصلي الصلوات الثلاثة في المسجد وكان يبذل كل ما بوسعه لاستمرار إقامة صلاة الجماعة في المسجد.
متربصا بالشمس
لم تنال نشاطاته الثورية وشخصيته المؤثرة إعجاب المنافقين. وكما يقول ابنه ان عناصر المعارضة للثورة رموا بيتنا عدة مرات بالصخرة أو كانوا يطلقون الشعارات في الشارع وكانوا قد وضعوا قنبلة في طرد وأعطوها إلى أحد المصلين كي يمنحها إلى أبي كهدية له لكن تم إبطال مفعول هذه المؤامرة بذكاء. كانت المؤامرات كلها تحاك من حوله حتى تعرضت سيارته التي كانت تقله إلى إطلاق النار في شارع جيحون على يد المنافقين في يوم الثامن من اسفند من عام 1360ه.ش عندما توجه بعد إقامة صلاة المغرب والعشاء نحو بيته. وأصيب برصاصات على رأسه ويده اليسرى وتحققت أمنيته وهي الشهادة في سبيل الله تعالى. ان إقصاء هذه الشخصية الثورة كان يكتسب أهمية قصوى للمنافقين وكما قال شهود عيان بان هناك سيارات ودراجات نارية كثيرة تتربص به وبعد استشهاده قاموا بالتعبير عن فرحهم أمام الناس وأطلقوا شعارات ثم اختفوا. كان الناس يعشقون هذا الشهيد العزيز وان الأسر الفقيرة دليل على حقانيته إذ عبروا عن هذا الأمر في مجلس تأبينه بأنهم كانوا يتمتعون بمساعدات هذا العالم الديني الكبير وزيارته لهم.