امام جماعة مسجد المهدية و المحسني
في وادي السلام:
انه رأي النور في يوم 7 من شهر آبان/ تشرين الثاني عام 1311 في عائلة متدينة بخمين في محافظة اصفهان ( و ذكر في احدي مخطوطات الشهيد انه من مواليد يوم الثالث من شهر مهر/ تشرين الاول) وترعرع في احضان اسرته الكريمة، وبدأ بدراساته الابتدائية في مسقط رأسه ولم يكن يتجاوز السابعة من عمره، ثم ألقي عصا التسيار في قم للدراسات الحوزوية وذلك تلبية لطلب أبيه، وبدأ يتعلم هناك عند أكبر الاساتذة و الحوزويين ثم ارتحل الي النجف لاستكمال مستواه العلمي وكان آنذاك ابن 24 سنة، وتلقّي العلم لدي كبار العلماء كآية الله العظمي سيد محسن الحكيم، و آية الله سيد محمود شاهرودي و آية الله سيد ابوالقاسم موسوي خوئي و غيرهم، كما كان يشارك في الوقت نفسه في حلقات الاستاذ حاج شيخ آقا بزرك طهراني صاحب كتاب "الذريعة الي تصانيف الشيعة" الشهير و ساعده في تصنيف هذا الكتاب بعض المساعدة.
وصل الي درجة الاجتهاد في الحوزة العلمية في سنة 1355ه.ش وكان يكنّ أهمية كبري لتزكية النفس و ترويضها ويشارك في حلقات أساتذة علم الاخلاق. انه تزوج في سنة 1399 سبطة استاذه الكبري فكانت حصيلة هذا الزواج الميمون انجاب 5 اولاد، و كان خلقه في البيت خلقا اسلاميا بما تحمل الكلمة من مدلول، كما كان مشهورا بزهده وتقواه، هذا وأن علاقته مع الأسرة والاخرين كانت علاقة ودّ وصداقة ويعالج مشاكل الاسرة وكل ما يمت بصلة الي تعليمها وتربيتها عن كثب.
بين حوزة النجف العلمية والمسجد في طهران:
انه سافر خلال اقامته بالنجف الي ايران كرارا وتكرارا، وفي احدي رحلاته استدعي الي ايران لادارة شؤون مسجد المهدية الحديث البناء في حي رستم آباد، ورغم حبه الشديد الي الاقامة في قرب ضريح علي بن ابي طالب كرم الله وجه ورغم أن اسرته كانت تقطن في العراق الّا انه تلبّي تلك الدعوة بالقبول والموافقة وذلك لشعوره بالمسؤولية تجاه تعليم الناس بالاحكام الاسلامية وللضعف الثقافي والمذهبي الموجود في ايران وقتذاك، ثم أصبح اماما في مسجد المحسني في شارع جردن، كما كان مسؤولا للجنة الثورة الاسلامية في المسجد هذا ومسجد المهدية ايضا.
فهو كان مسلما وارعا وعالما، وكان يحثّ الشعب الي الدين والاسلام بكلامه الغراء والنابع عن صميم قلبه، وكان يهتمّ الي مشاكل الناس ولم يكن يدخر جهدا الا كان يبذله لحلحلة تلك المشاكل والمضايقات.
في حيازة القلم:
انه كان رجلا نشطا، حيث ألف فضلا عن نشاطاته المستمرة في مسجديْ المهدية والمحسني، كتبا مختلفة ك"تقريرات فقه" و"تقريرات اصول" و"مختصر المنطق" و"الكشكول" و"الاجازات الي طرق الاحاديث و الروايات" و "تفسير قرآن" و "تبويب كتاب الذريعة" و "زبدة المعاني" وغيرها من الكتب والمقالات، وكان قد ترجم حياتها غير واحد من الكتاب والمفكرين كالشيخ محمد هادي امين في صفحة 464 من كتابه المعنون بـ"معجم رجال الفكر والادب" والمطبوع بسنة 1384 الهجرية و حاج آقا بزرك طهراني في كتابه الشهير الموسوم بـ"الذريعة"، كما تطرق الي ترجمته صاحب كتاب "معجم الادباء" في صفحة 142 من كتابه.
الدين هو الاسلام والاسلام بقيادة الامام فحسب:
تولّي الشهيد جميع المظاهرات والاحتجاجات التي كانت تصدر من كلا مسجديْ المهدية و المحسني ضد النظام الشاهنشاهي الفاسد وأقام مراكز ولجنات بعد انتصار الثورة الجمهورية الاسلامية الايرانية في كلا هذين المسجدين لتكديس السلاح وتجميعها وتوزيعها بين الناس، وكانت علاقته مع الامام الخميني علاقة قريبة و حميمة الي أبعد الحدود وكان يقول: ان الدين هو الاسلام والاسلام بقيادة الامام فحسب!
اول رجل ديني شهيد:
كانت نشاطاته التي كانت تصب لصالح الثورة الجمهورية الاسلامية الايرانية شوكة في عين الاعداء والمحاربين، غير أن شرذمة من هؤلاء المحاربين والمنافقين تمكّنت من زرع لغمة أو قنبلة في المسجد وذلك في مساء يوم الثامن عشر من شهر فروردين/ نيسان بسنة 1358، مما أدي الي استشهاده واستشهاد كلا ولديه سيد محمد (كان له من العمر 19 سنة) وسيد علي ( كان له من العمر 14 سنة)، والي مقتل أربعة مصلين آخرين في المسجد.
ان حجة الله سيد احمد ديباجي هو أول رجل ديني استشهد بعد انتصار الثورة الجمهورية الاسلامية الايرانية كتب في وصيته بقوله: أسأل الله ان يبارك رحلة الموت لي وللجميع ان شاء الله.
عون المحرومين:
تقول بنت الشهيد راضية ديباجي:
كان بيتنا موضعا لحلحلة مشاكل غيرواحد من الناس وحاجيات حياتهم اليومية، لأنهم كانوا يرون في أبي رجلا يسعي بقدر المستطاع في تلبية حوائج الناس ومطالبهم، كما أن كثيرا من الجيران والمعارف يذكرونه بهذه الخصال الطيبة. وكان من أكبر همومه توفير المسكن وأمتعة الزواج وتوفير فرص العمل للشباب والمتزوجين، لان الشهيد كان يعتقد أن توفير حاجيات حياة الشباب واساسيات عيشهم من لوازم تربيتهم الاخلاقية والدينية، لان الانسان اذا تخبّط في نزعاته الشهوانية ولم يتمكّن من تلبية حوائجه النفسانيّة فلا يتيسّر له التوجه نحو التسامي والتعالي، والدليل علي ذلك هو في القرآن حيث أن سورة قريش دعت أهل قريش الي عبادة الله الواحد بعد أن أطعمهم الله تعالي بجميع الأطعمة وآمنهم من الخوف المريع، وعندما كانوا ينتقدون من الشهيد نظرا لرؤيته هذه فكان يستند الي بعض الآي القرآنية الكريمة التي كانت قدأشارت الي محاسن الاخلاق والشكر والتقوي والعمل الصالح و ... بعد توفير حاجيات الحياة الانساني! و كان يقرأ مثلا آية 88 من سورة المائدة: "وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقواالله» أو آية 172 من سورة البقرة «يا ايها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكناكم واشكروا لله» أو الآية الخامسة من سورة المؤمنون حيث تقول: «يا أيها الرسول كلوا من الطيبات واعملوا صالحا».
فكانت منهجه رفع حوائج الفقراء والمحتاجين في كل حال من الأحوال في الليالي والنهار وفي الحر والبرد عن كثب، لكي يخلق فيهم بذلك مقدمات أنوار الهداية ويتمكن من ترسيخ جذور هذا الدين في قلوبهم.