ان المسجد وباعتباره أهم قاعدة معنوية للمسلمين، يعد قاعدة للتربية المعنوية لكافة الذين يترددون على هذا المكان المعنوي.
البنية التربوية المتمحورة حول المسجد
ان المسجد وباعتباره أهم قاعدة معنوية للمسلمين، يعد قاعدة للتربية المعنوية لكافة الذين يترددون على هذا المكان المعنوي.
يعد المسجد مكانا مقدسا كما يعتبر مكانا للتربية. لكن ليست هذه الصخور والعصا والمواد المستخدمة في المسجد هي التي تربي بل ان اهتمام مسئولي المسجد وتخطيطهم هو الذي يمكن ان يأتي بالتربية الصحيحة لكافة أولئك الذين يترددون على المسجد وبالتحديد اليافعين والشباب.
ان كافة مسئولي المسجد يعتبرون مسئولين في قضية التربية المتمحورة حول هذه البيئة المعنوية بدءا من هيئة أمناء المسجد والمؤذن والخادم وصولا بالشخصيات المؤثرة في المسجد ولا يمكن لأي منهم ان يتخلوا عن هذه المسئولية، غير انه من الواضح بان إمام الجماعة والعالم الديني المحترم هو الذي يتحمل المسئولية الرئيسية في هذا المجال إذ يتولى واجب الإمامة والريادة في هذا المكان المقدس.
يجب على إمام الجماعة وبغية تثقيف الشباب الذين يترددون على المسجد والمصلين وتربيتهم ان يكتب برنامجا ويمهد الآلية المناسبة لتنفيذ برنامجه بأفضل الأشكال.
غير ان التخطيط والتنفيذ لا يكفيان كما تتم هذه المرحلة من النشاط الثقافي في أغلبية المساجد ويقوم إمام الجماعة بالتخطيط الضروري ويخطو خطوة نحو التنفيذ.
مع هذا يجب ان نرى بأنه هل يسير المسار التربوي للمساجد بشكل صحيح، مع كافة تلك المساعي والتخطيط؟ وهل يمكن مشاهدة فاعلية هذا المصنع للإنسان على ارض الواقع كما ينبغي؟
ضرورة التقييم التربوي إلى جانب التخطيط والتنفيذ
قد تدعي كافة مساجد البلاد ظنا منها بأنها تضع المسجد محورا في تربيتها وربما قامت بمساعي حقيقية في هذا المجال. لكن يجب ان نرى ما هو المعيار في نجاح تلك المساعي؟
بعبارة أخرى كيف وبأي معيار يمكن ان نعرف بان الهيكل الثقافي التربوي للمسجد قد حقق النجاح في قضية تربية المصلين وبالتحديد الشباب وهل استطاع ان يترك تأثيرا كبيرا في مسار نموهم المعنوي؟
يأتي تقييم نجاح المسجد في النشاطات التربوية بنتائج كثيرة لا يجب ان يتجاهلها مسئولو المسجد. ذلك لأنه قد يحدث بان تجعلنا كثرة النشاطات نغض الطرف عن نتائجها وتمنعنا عن رؤية كيفية النتائج؟ في الحقيقة يجب ان نرى بان نتيجة من تربوا في المسجد، يتناسب مع النشاطات التربوية للمسجد؟
معيار نجاح المساجد في القضايا الثقافية والتربوية
يمكننا وبإلقاء نظرة عامة وعابرة القول بان أدب وإيمان وعمل الشباب الذين يترددون على المساجد يعد أفضل المعايير في نجاح البنية التربوية للمسجد. لكن مع هذا يجب البحث عن معايير أكثر دقة للوصول إلى تقييم دقيق.
يشير الإمام علي عليه السلام في رواية ممتعة إلى أثار التردد على المسجد التربوية وهذا الأمر يمكن ان يتضمن الضروريات التربوية في المسجد. ضروريات يجب وضعها في التخطيط التربوي للمسجد وكذلك في تنفيذ تلك البرامج وتقييمها.
بعبارة اجل ان الرواية وفضلا عن أنها يمكن ان تكون بمنزلة خارطة طريق للنشاطات الثقافية والتربوية للمسجد فأنها تعد أفضل معيار لتقييم نجاح كافة المساجد في مجال القضايا التربوية.
تمت الإشارة في هذه الرواية إلى 8 معايير تربوية للمساجد، إذ يتطلب دراسة كل منها كتابة مقالة لكننا هنا نشير إلى رؤوس الفصول ونترك الخوض في التفاصيل إلى مجالا آخر.
يقول الشيخ صدوق في رواية صحيحة عن اصبغ بن نباتة عن الأصبغ، عن علي (عليه السلام) كان يقول:
من اختلف إلى المسجد أصاب إحدى الثمان: (الخصال، ج 2، ص 4049)
«أخاً مستفاداً في الله،»
«أو علماً مستطرفاً،»
«أو آية محكمة،»
«أو رحمة منتظرة،»
«أو كلمة تردُّه عن ردى،»
«أو يسمع كلمة تدله على هدى،»
«أو يترك ذنباً خشية»
«أو حياء»
التخطيط الثقافي، التنفيذ والتقييم الميداني.
كما قلنا في السطور السالفة فان المعايير الثمانية يجب ان تدرج في التخطيط كما في التنفيذ وتقييم النشاطات التربوية للمسجد. على سبيل المثال يجب ان يتم التخطيط التربوي للمسجد على نحو يقدم معه الحلول المناسبة للبحث عن الصديق لدى من يترددون على المسجد. كما يجب اتخاذ إجراءات خاصة عند التنفيذ لبناء العلاقة بين الأطفال والناشئين مع البعض كي لا تتعرض الصداقات في المسجد إلى أضرار.
بغية تقييم المساجد في القضايا الثقافية يمكن دراسة المعايير الثمانية أعلاه كل على حدة فيما يتعلق بمن يترددون على المسجد. على سبيل المثال يجب ان نعرف نسبة الناشئين الذين يترددون على المسجد منذ العام الماضي في الحصول على صديق جيد في أجواء المسجد بتأثير من المسجد وذلك من ضمن 50 شاب أو ما هي نسبة الذين حصلوا على صداقة إيمانية في بيئة المساجد؟
وكم هي نسبة من زادت معلوماتهم الدينية ضمن الـ 50 شخص وكم كانت نسبة المعلومات؟ وكم هي نسبة من يستطيعون الإجابة على أكثر الأسئلة جوهرية التي تثار كشبهات دينية؟ وكم هي نسبة الذين خاضوا تجارب معنوية وكم هي نسبة من وصلوا إلى يقين بأنه يجب امتلاك برنامجا حقيقيا لاجتياز مسير الكمال المعنوي؟